محمود الخولي يكتب.. من "السباعي" إلي "عبد القدوس"!!

الكاتب الصحفى محمود الخولى
الكاتب الصحفى محمود الخولى

حظي محمد عبدالوهاب، بلقب موسيقار الأجيال، احتفاءً بتاريخه ومشواره الفني الذي تجاوز الـ 60 عامًا، حيث بدأه في عشرينيات القرن الماضي، تعاون وحتي وفاته يوم 4 مايو من عام 1991 مع العديد من كبار نجوم ونجمات الغناء، فيما لاحقته اتهامات بالاقتباس بل والسرقة أحيانًا من موسيقيين آخرين.
وقد أطلت مثلا مسالة اتهام عبد الوهاب بسرقة ألحان سكرتيره الملحن رءوف زهني علي الساحة بظلال قاتمة وسحابة سوداء،كأن حريقا قد نشب، وتصاعد دخانه الخانق الي عنان السماء..اشتمه رغماعنهم المعنيون بالموسيقي في مصر والعالم العربي، وغيرهم من أهل الفكر والأدب.
بين يدي رسالة من الماضي البعيد، أرسلهاالأديب الكبيرعبد المنعم السباعي إلي الأديب الكبير احسان عبد القدوس في عام 1956 لينشرها بمجلة روزاليوسف، بعنوان" أضواء علي قصة عبد الوهاب ورءوف ذهني"، وثقها كاتب السطور وضمها كتابه " من مذكرات رءوف ذهني..سرقني عبد الوهاب" الصادر عام 2001 للناشر مدبولي الصغير، انقل عنه بعض السطور.. يقول:
أخي احسان..                                                                                                     
 في الركن  الفني من العزيزة الصابرة "روزاليوسف"، رأيت منذ أسابيع مناورات أولية لمشروع معركة، يحاول أن يعلنها الملحن الشاب رءوف ذهني.. علي استاذه موسيقار الشرق المليونير محمد عبد الوهاب.. فضحكت..ضحكت.. لزهدي في الفرحة أو شماتة مني.. في هز سمعة عبد الوهاب الفنية.. إيه الحكاية؟ 
يجيب السباعي:                                                                                               
" منذ أكثر من عشر سنوات وغالبية الوسط الفني من موسيقيين ومطربين وكتاب فنيين، يعلمون جيد أن رءوف ذهني"لازمة" في مكتب وحياة محمد عبدالوهاب..ويعلمون أيضا أنه  سكرتيره الخاص، أما مدي طبيعة العمل الذي يجمع الإثنين..أو مدي  نصيب هذا العمل من الفن.. أو من غير الفن.. فعلمه يا أحسان كما هي العادة كان دائما عند ربي".
المهم..                                                                                                              
 مرت السنوات..وظل رءوف في مكانه من مكتب ومن حياة عبد الوهاب.. وظلت الألسنة علي في المجالس الفنية علي حالها التقليدي حائرة بين  اتهام رءوف بأنه شاب مدع يسعي الي الظهور علي أكتاف الإساءة والتشنيع الفني علي عبد الوهاب.. وبين اتهام الأخير، باستغلال رءوف فنيا، لما لعبد الوهاب من سوابق فنية كثيرة.. وحالات مشابهة مع كثير من الموسيقيين".
وحين عرفت الإذاعة  ألحان رءوف وانساب انتاجه الي الجماهير، حسبما قال السباعي في موضع آخر من  رسالته للأديب احسان عبد القدوس.."تحرك العزيز جدا عبد الوهاب وكانت حركة بعيدة جدا عن كل بركة.. رسل عبر محاميه انذارا بالفصل الي رءوف،فرد ذهني بتحذير عبد الوهاب من استغلال مجهوده الفني وجمله الموسيقية التي أخذها منه في أغانيه أوبعض ألحانه المقبلة".
اسمع يااحسان:                                                                                                      
أرجو مخلصا أن تخرج السيدة  زوجة عبد الوهاب من فصول القصة.. ولا تفترض أبدا أن لها أي دخل في التأثير علي زوجها حتي يخضع دائما لطلبات رءوف.. وصدقني عندما اقول لك ان صلة القرابة التي بينها وبين رءوف لم تدفعها ابدا الي اتخاذ أي خطوة أو أي رأي  للضغط علي زوجها في سبيل قريبها رءوف.."إذن ما السر في هذه المعاملة..وهذا الدلال العجيب، والخضوع الكامل من عبد الوهاب أمام طلبات رءوف، الذي يصرح بأنه مع عبد الوهاب يشاركه بمجهوده وانتاجه  في عمله الموسيقي الضخم"..
هذا هو السبب وهذا هو السرالكبير الذي يصرخ به رءوف في آذان الرأي  العام بعد أن ارتضي لنفسه هذا الوضع سنوات طويلة.. وهو سبب أوسر..قد تهضمه بعض العقول فتقبله..وتنكره عقول أخري لا يقنعها إلا الدليل الملموس لأن عبد الوهاب صخرة فنية اضخم من ان يحطمها في انظار الجماهير مقولات فنان حاقد أو موسيقي مغمورحتي لو كانت أقواله صادقة.
 
ويتساءل السباعي في رسالته الي الأديب احسان عبد القدوس بقوله:
 ثم أسألك ياإحسان وأسال نفسي:الفنان الذي يسمح لنفسه بهذا العبث الفني وفيه استهتار عجيب بعقول الناس.. هل يتورع عن "لطش" اللزم الموسيقية من أي موهبة مغمورة؟..والجواب:أن هذا الفنان لن يتردد قط  وهذا هو المنطق.. وهذه هي الثغرة الخطيرة التي نفذ منها رءوف ذهني ليطعن موسيقار الشرق في أعز ما يملكه فنان.
في الصالونات الأدبية والمنتديات الثقافية.. راح كل يدلي بدلوه..بين مؤيد ورافض.. كل يبني علي مفردات لديه سمعية كانت أو بصرية.. وثالث يبني علي بناء الآخرين ويزيد من واقع الخبرة أو التذوق.. وفي النهاية بني الكل بنيانه وسكنه إما وحده..و إما مع آخرين يساندون وجهة نظره بالرفض أوبالتأييد!! 

ترشيحاتنا